Saturday, July 16, 2016

مفهوم اقتصاد المعرفة‏

zahra.rawahi@gmail.com

zahra.rawahi@trc.gov.om


لقد شهد العالم مؤخرا تحولاً متسارعاً نحو اقتصاد المعرفة Knowledge Based Economy الذي يعتمد أساساً على تكنولوجيا المعلومات ورأس المال الفكري ، حيث تزداد نسبة القيمة المضافة المعرفية بشكل كبير ، وتغدو سلع المعلومات سلعاً هامة جداً، وترتبط مسألة التنمية والتطور الاقتصادي بالقدرة على الاستثمار الأمثل لتكنولوجيا المعلومات ، والقدرة على إدخال المعلومات في البنية الاقتصادية ، والتوسع المستمر في قطاع المعلومات الذي يتحول إلى قاطرة التنمية والتطوير الاقتصادي في مختلف أنحاء العالم ، وتعد الإنترنت أحد الأسس الهامة لهذا الحامل الأساسي لهذه التحولات الجذرية. (1)

ففي حين كانت الأرض ، والعمالة ، ورأس المال هي العوامل الثلاثة الأساسية للإنتاج في الاقتصاد القديم ، أصبحت الأصول المهمة في الاقتصاد الجديد هي المعرفة الفنية ، والإبداع ، والذكاء ، والمعلومات ، وصار للذكاء المتجسد في برامج الكمبيوتر والتكنولوجيا عبر نطاق واسع من المنتجات أهمية تفوق أهمية رأس المال ، أو المواد ، أو العمالة. وتقدر الأمم المتحدة أن اقتصادات المعرفة تستأثر الآن بـ 7 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتنمو بمعدل 10 ٪ سنويا. وجدير بالذكر أن 50 ٪ من نمو الإنتاجية في الاتحاد الأوروبي هو نتيجة لاستخدام وإنتاج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. (2)

ويعرف البنك الدولي اقتصاد المعرفة ، بأنه الاقتصاد الذي يحقق استخداما فعالا للمعرفة من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ‏,‏ وهذا يتضمن جلب وتطبيق المعارف الأجنبية ‏,‏ بالإضافة إلي تكييف وتكوين المعرفة من أجل تلبيه احتياجاته الخاصة. ‏(3)

ويعرف آخرون الاقتصاد المعرفي بأنه دمج للتكنولوجيا الحديثة في عناصر الإنتاج لتسهيل إنتاج السلع ومبادلة الخدمات بشكل ابسط وأسرع (4) ، ويعرفه أيضا البعض الآخر ، بأنه الاقتصاد الذي تلعب فيه المعرفة والإبداع والتجديد والابتكار دورا رئيسا ومتناميا في إحداث النمو واستدامته. (5)

وقد عرف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الاقتصاد المعرفي بأنه نشر المعرفة وإنتاجها وتوظيفها بكفاية في جميع مجالات النشاط المجتمعي ، الاقتصادي ، والمجتمع المدني ، والسياسة ، والحياة الخاصة وصولاً لترقية الحالة الإنسانية باطراد ، ويتطلب ذلك بناء القدرات البشرية الممكنة والتوزيع الناجح للقدرات البشرية على مختلف القطاعات الإنتاجية. (6)

ومما سبق يمكننا القول أن اقتصاد المعرفة هو الاقتصاد الذي يشكل فيه إنتاج المعرفة وتوزيعها واستخدامها ، المحرِّك الرئيس لعملية النمو المستدام ولخلق الثروة وفرص التوظيف في كل المجالات ، إنه اقتصاد يقوم على أساس إنتاج المعرفة واستخدام ثمارها وإنجازاتها ، بحيث تشكل هذه المعرفة سواء ما يعرف بالمعرفة الصريحة التي تشتمل على قواعد البيانات والمعلومات والبرمجيات وغيرها ، أو المعرفة الضمنية التي يمثلها الإفراد بخبراتهم ومعارفهم وعلاقاتهم وتفاعلاتهم ، مصدراً رئيساً لثروة المجتمع المتطوِّر ورفاهيته ، وعلى ذلك فإن المعرفة هي محور اقتصاد المعرفة الذي يتضمن : (7)

  • الاهتمام بالبحث العلمي والإبداع والابتكار بما يُساعد على توليد المعارف المفيدة في شتى المجالات.
  • العمل على نشر المعارف من خلال التعليم والتدريب والإعلام ، من أجل بناء الإنسان الذي يتمتع بالمعارف والمهارات والقدرات التي تمكنه من العمل بفاعلية واقتدار ، وتدخل في هذا الإطار مسألتا محو الأمية المعلوماتية ، والتأهيل الرقمي المعلوماتى.
  • التركيز على ضرورة استخدام المعارف والمهارات والقدرات على أفضل وجه ممكن ، بما يدعم عطاء المجتمع ويعزز تطوره.
  • توفير بيئة تفاعلية مناسبة تحث الإنسان على المساهمة فيما سبق ، وتُظهر إمكاناته ، وتشجعه على العطاء ، وتبرز في هذا المجال ميزة التنوع الإنساني في المواهب والقدرات التي تشمل نواحي علمية تطويرية ، وأخرى مهنية تنفيذية ، وثالثة اقتصادية وإدارية ، وغير ذلك.
  • تأمين بنية تقنية مناسبة لا يقتصر اهتمامها على الخدمات الأساسية للمجتمع فقط ، بل على الرعاية اللازمة لتحفيز العمل المعرفي ، والإنجاز المادي الذي يستند إليه ، كما هو الحال فيما يُعرف «بحاضنات التقنية».

ويمثل اقتصاد المعرفة أهمية كبيرة ، سواء بالنسبة للدولة أو المؤسسات أو للأفراد العاملين فيها ، وقد ازدادت هذه الأهمية في السنوات الأخيرة ، بسبب المنافسة الشديدة في الأسواق ، وزيادة معدلات الابتكار والتجديد ، والانخفاض في أعداد المواطنين ، والضغوط التنافسية وما يترتب عليها من تقليص في حجم القوة العاملة ، والتقاعد المبكر ... الخ. وبصفة عامة ، فإن التحول نحو الاقتصاد المعرفي يترتب عليه بعض المزايا علي مستوي المنظمات ، أهمها ما يلي :
    1. تشجيع العاملين على المشاركة في المعرفة وإدارتها : ويتم ذلك من خلال انخراط العاملين في فرق عمل ، وجماعات الممارسة المختلفة التي تؤدى إلى التعارف بين الإدارات المختلفة ، وبالتالي تكون هناك ثقافة تنظيمية أساسها المشاركة في المعرفة والعمل الجماعي والتعلم المستمر (8) . وتزداد الأهمية هنا في ظل قيادة واعية تعطى المثل الأعلى وتشجع وتحفز على القيام بالجوانب المختلفة من إدارة المعرفة ، مع متابعة التقييم المستمر للعملية نفسها والمخرجات الناتجة عنها وتحديثها أولا بأول. (9)
    2. التقليل من التكلفة الإنتاجية والإدارية : تساعد إدارة المعرفة على التقليل من التكلفة وزيادة الأرباح التي هي هدف أساسي لأية منظمة في عالم الأعمال. (10)
    3. تحسين جودة المنتج أو الخدمة : تؤدى إدارة المعرفة إلى الاستفادة من المعرفة المتاحة داخل المنظمة وخارجها ، بأفضل طريقة ، من أجل تحسين العملية الإدارية والإنتاجية ، الأمر الذي يؤدى بدوره إلى تحسين جودة المنتج أو الخدمة ، بحيث تكون سهلة الفهم ومريحة وسريعة وآمنة. (11)
    4. إيجاد ثقافة تنظيمية تشجع التعلم : يؤدي تطبيق المعرفة إلي التعلم المستمر علي المستوي التنظيمي ، من خلال نقل المعرفة داخل المنظمة ، وإضافتها للمعرفة التنظيمية الموجودة بطرق تكاملية تنمو من خلالها معرفة المنظمة ، وبالتالي رأسمالها الفكري والتنظيمي. (12)
    5. تشجيع الابتكار : يساعد تبادل المعلومات والأفكار على تشجيع الابتكار والتجديد المستمر ، من اجل التحسين والتطوير ، ويتطلب ذلك التدريب والتعليم وإعطاء القدوة والمثل من قبل القيادات. (13)
    6. تمكين المنظمة من النمو والتطوير الدائم : تكون المنظمة على استعداد دائم للنمو والتطوير ، وذلك عن طريق الاستعانة بالمعرفة الفردية والجماعية والتنظيمية لكل الموارد البشرية للمنظمة ، وفى ظل هيكل تنظيمي مرن وتكنولوجيا معلومات مناسبة ، وإدارة فعالة للمعرفة ، وما تؤدى إليه من تمكين للعاملين ، ومن ثم تحسن عام في أداء المنظمة وارتفاع في مستوى الرضاء بين العاملين فيها والمتعاملين معها.

No comments:

Post a Comment